مسرحية هاملت لمسرح الجلوب البريطاني لأول مرة في فلسطين

" الدنيا مسرح كبير، وكل الرجال والنساء ما هم إلا ممثلون على هذا المسرح"

بقلم: زياد جيوسي ومنى عساف 
البيدر للإعلام- رام الله

     رغم حالة التوتر والغليان الشديدة التي تسود في كافة الأراضي الفلسطينية من البحر إلى النهر منذ بداية شهر تشرين أول، وسقوط العشرات من الشهداء بعمر الورد، وآلاف الجرحى، لبى مسرح الجلوب البريطاني الدعوة التي وجهت له من قبل مسرح عشتار الفلسطيني لعرض مسرحية "هاملت"، في ظل هذه الظروف. وحضورهم لرام الله عبّر، وبشكل واضح، عن دعمهم ومساندتهم للشعب الفلسطيني لنيل حقوقه بالحرية والاستقلال والعيش بكرامة كباقي شعوب العالم. كذلك كان العرض رسالة لكل العالم يدعوهم فيها ليتواجدوا إلى جانب الشعب الفلسطيني في ظل الهجمة الصهيونية الشرسة، التي تتزايد بشكل يومي ضد شعبنا بقصد إبادته وتهجير من تبقى منه. 

 
   بدأ العرض بالوقوف دقيقة حداد على أرواح الشهداء مع عزف النشيد الوطني الفلسطيني، ومن ثم ألقت السيدة أيمان عون من إدارة مسرح عشتار كلمة ترحيبه بالحضور، وشكرت كل من ساهم بالدعم لإنجاح العرض وعلى رأسهم بلدية رام الله، وأشارت في كلمتها إلى العلاقة التاريخية التي تربط الشعب الفلسطيني بالمسرح منذ بداية القرن التاسع عشر، حيث كان العرض الأول لمسرحية هاملت في قطاع غزة في العام 1920، وجاء هذا العرض بعد 96 عاماً في مدينة رام الله، مؤكدة أنّ الشعب الفلسطيني تاريخه حافل ومزدهر ومتميز، ويعكس عشق الفلسطيني للفن والثقافة رغم كل المعاناة والقهر التي يعيشها بسبب الاحتلال الصهيوني.
     كان العرض مميزاً وناجحاً، ولا توجد به أي ثغرات يمكن الإشارة إليها، سواء من ناحية الأداء أو من ناحية الإنتاج والإخراج. استمر العرض لمدة ثلاث ساعات تخللتها فترة استراحة لمدة ربع ساعة، وتميز الجمهور بالالتزام والاستماع ومن ثم الاستمتاع بشكل منقطع النظير حتى آخر ثانية من العرض، ما دفع الممثلين المسرحيين للاندهاش والقول "إن عرض المسرحية في فلسطين من أحد العروض المتميزة من بين 140 دولة التي عرضنا  فيها لغاية الآن". وفي نهاية العرض حيا الحضور الفرقة بالوقوف والتصفيق الحار، وحقيقة كان تفاعل الحضور مع المسرحية ملفتاً للنظر، وأثار العديد من التساؤلات وأهمها: لماذا لا يكون هذا الحضور والالتزام خلال عرض المسرحيات التي يتم إخراجها وإنتاجها وأداءها من قبل الفلسطينيين؟ من هنا لا بد من الوقوف وبشكل صادق أمام أنفسنا بعد هذا العرض الذي تميز بهذا الكم من الحضور، ونسأل أين تكمن المشكلة في المسرح الفلسطيني؟ نتمنى من القائمين على المسرح والعمل المسرحي في فلسطين، أن يأخذوا بعين الاعتبار أنه يوجد عندنا جمهور يتذوق المسرح وله ذوق رفيع ومتميز، ويتعطش لأعمال مسرحية ذات جودة عالية تتمكن من مخاطبته كما يليق به.  
   
 أما بخصوص مسرحية "هاملت" فهي من أهم الأعمال المسرحية لشكسبير، والتي ترجمت لمعظم لغات العالم بما فيها اللغة العربية. وهي تحمل رسالة أساسية للبشرية جمعاء وبكل وضوح تظهر فيها أن الغاية لا تبرر الوسيلة، والمسرحية وبشكل رئيس تدور أحداثها حول الصراع بين الخير والشر، والحب والحقد، والإخلاص والخيانة. ومن هنا لا بد من الإشارة إلى أن الغاية الشريفة تحتاج لوسيلة شريفة لتحقيقها. ويعتبر المسرح من أهم الوسائل الثقافية على الإطلاق لإيصال الرسائل الإنسانية من دون حواجز ومعيقات حول جميع القضايا الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والثقافية، إضافة إلى روح الفكاهة والترفيه والمتعة.
     يعتبر مسرح عشتار هو المسرح الأول للإنتاج والتدريب المسرحي الرائد في مسرح المنتدى، والذي يقوم ويعتمد على تعزيز الحوار ومشاركة الجمهور على خشبة المسرح، من أجل التفاعل مع القضايا الاجتماعية والسياسية والثقافية، التي تهم المواطن ليكون شريكأً ومساهماً بشكل فعّال في عملية التغيير الايجابي في المجتمع الفلسطيني. ومن الجدير ذكره أن مسرح عشتار قام بعرض مسرحية ريتشارد الثاني باللغة العربية، والتي تقوم على فكرة المسرح التجريبي، في العام 2012 على مسرح لندن وأكسفورد.  
     وفي النهاية أقام مسرح عشتار بالشراكة مع بلدية رام الله وفندق الموفينبيك حفل استقبال ووداع على شرف الفرقة شارك به العديد من الممثلين المسرحيين الفلسطينيين، وعدد من الضيوف إضافة  للقنصل البريطاني في القدس. 

CONVERSATION

0 comments:

إرسال تعليق