الفيلم الإيراني باشو.. ما يمكن للحربِ أنْ تفعله في طفل

انتج فيلم "باشو الغريب الصغير" 1986 ومدته 120 دقيقة، وهو من بطولة عدنان عفراویان وسوسن تسلیمي، برویز بورحسیني، اکبر دود کار، فرخ لقا هوشمند، رضا هوشمند، محمد فرخواه، معزز بني دخت، عزیز الله سلماني.

تدور قصة الفيلم حول صبي من جنوب ايران، تتعرض منطقته للعدوان والقصف العنيف من قبل نظام صدام البائد خلال الحرب المفروضة ( 1980 -1988)، فيؤدي ذلك الى فرار "باشو " من منطقته ووصوله إلى شمالي ايران على سبيل الصدفة، فتتولى إمراة من محافظة جيلان شمالي ايران الاعتناء بهذا الفتى وتمنحه المأوى في بيتها.

الفيلم من سيناريو ومونتاج المخرج بهرام بيضائي وموسيقى فيروز ملك زاده وانتاج مركز تربية المواهب الفكرية للاطفال

اختيار وإعداد عادل محمد
9 سبتمبر 2019

مدينة لشكر آباد، يجلس باشو على كرسيه أمام كشك لبيع السكائر. تجاوز عمره الأربعين، ولا يغادر مكانه خوفاً من هروب سيّاح أجانب جاءوا ليلتقطوا صوراً معه، أو زوّار من مدن أخرى وصلوا ليستعيدوا ذكرياتهم، ويبيعهم علبة سكائر لوّحتها الشمس. فهو بطل فيلم حصل على عدّة جوائز عالمية، وأينما يشارك في مهرجان، تغطيه الصحافة والنقاد.  ولكن لنعود إلى ثلاثين عاماً مضت، وإلى:
 ما الذي يمكن للحرب أن تفعله في طفل؟ وما الذي يمكن الفيلم أن يفعله بطفل؟ 
غناء بحري وأجساد نخيل وسقوط قذائف، هذه بداية فيلم "باشو الغريب الصغير"، ويظهر فجأة طفل من بين القصب كجنّي. أسمر وخائف وفضولي. يُعتبر هذا الفيلم من أهم الأفلام الإيرانية المخصّصة للطفل.
لكنّ الفيلم يخلط كل ما يُستمد من الجنوب ببعضه، فغناء بحري مع "نعاوي" نسائية عربية وثياب ترتديها النساء في البنادر، وبالتحديد في بندر عباس. المهم مصدرها كلها الجنوب، رغم البون الشاسع بين كل واحدة منها. وسيستمر المخرجون والكتاب، في الأفلام وفي المسلسلات في هذا الخلط الثقافي.
يركب بطل الفيلم "باشو" شاحنة، دون علم سائقها الهارب من أرض تُقصف بشدة، ليفتح عينيه ويجد نفسه في الشمال، يترجل ويدخل غابة ثم مزارع الأرز. هذه هي سحنة داكنة جداً وعينان بنيتان تدخلان دنيا السحنات الشمالية البيض اللامعة والعيون الملوّنة. جملة أطلقتها البطلة "ناتي" سوسن تسليمي، المتحدرة من عائلة فنية، ستتردد طول الفيلم: "كم أنت أسود!". العزف على وتر: كلّ ما هو جنوبي أسمر وأسود وأقل، هو الحالة العكسية كلّياً للشمالي. قطبية الشمال والجنوب. ستتحين الفرصة لكي تغسله وتسقط هويته السوداء عنه، لكن الماء لن يؤثر في اسقاط السواد. وستقول وهي مندهشة: "لا، لافائدة، لم يصبح أبيض".
بعد مرور عشرين دقيقة من الفيلم يتحدث الجني الأسود "باشو" من هو ومن أين جاء وماذا حدث لأمه ولأبيه. رغم المبالغة في لغته لتقريبها من الفصحى، وتلعثمها بها، ولن تنساب مثلما سيحدث في حواراته مع الجميلة "ناتي" وهي تسأله وتعلمه بلغتها الرجولية، أدوات الحقل الذي سيعمل فيه والذي أظهر الممثل الطفل نبوغة في التمثيل. جعل الغريب باشو من البيت الذي لجأ إليه خشبة مسرحه. رغم كل ذلك لم يفهموه ولا عرفوا ما حدث له ومن أين جاء.
الفيلم المنتج العام 1990، يلامسه فيلم "لون الله" مجيد مجيدي (1999)، إذ أن المنتج والداعم للفيلم جهة واحدة، وهي المركز التنموي الفكري للأطفال واليافعين، الطفل هو المحور وتلعب الطيور فيه دور اللحظات الحرجة وتتحدث ناتي معها وكذلك سيفعل باشو، وبطل فيلم "لون الله" محمد يعتمد على صوت الطيور لكشف العالم اعتماداً واضحاً. 
من المشاهد الصادمة في الفيلم، النار في التنور وصوت الرعد، وباشو يشعر بقصف الطائرات الوشيك، ينام على الأرض ويدعو الجميع للاختباء، لكن لغته تختلف عن لغتهم، يضحك الأطفال المحيطون به، ويهجمون عليه ليضربوه، وهنا، هنا بالتحديد تتحطم التغريبة الباشوهية. واقع على الأرض، العالم من حوله يضحك عليه يقول: "ايران سرزمين ماست. ما از يك آب وخاك هستيم". "إيران أرضنا، نحن من أرض واحدة". جملة قاصمة لمَن حوله، هذا الجني الأسود منا. 
تصل رسائل لناتي من زوجها الذي لا نعرفه، ويقرأها لها الجيران، في إحدى الرسائل يذيّل الزوج المفقود رسالته بتحية زوجته وابنه وابنته، وتنتهي الرسالة، تنهض ناتي لتتقفها وتقبض عليها معكوسة، خلط الشمال بالجنوب، لتكمل دور باشو المستقبلي، هو رجل البيت وسيعمل في الحقل ويحرسه من الخنازير البرية معها، ومشهد الخنزير في حقل الأرز يكشف رجولية ناتي المحيرة. التي سيوقعها المرض في الفراش، وسيأخذ باشو دورها الأمومي ليقدم الطعام للدجاج ويغسل طفليها، بل سيكتب ويقرأ الرسائل منذ هذه اللحظة.

​المصادر: المواقع العربية واليوتيوب

CONVERSATION

0 comments:

إرسال تعليق