مشاركة حبيب موسى، ناصر رزازي، عثمان عبدالرّحيم، رامي عصام وصفورة صفوي في تورنيه كونسيرت مشاهير في السُّويد



Best of Sweden

راود الموسيقي السُّويدي أندرياس أونغي، اختيار مجموعة من الفنَّانين الكبار والمشهورين بين أوطانهم وجالياتهم في السُّويد، كي يعدَّ بالتنسيق مع جهات سويديّة تقديم "تورنيه" كونسيرت في خمس مدن سويديّة، (ستوكهولم 8. 4، أوبسالا 9. 4، فارا 10 .4، غوثيمبورغ 11 .4 ويونشوبينغ 12. 4. 2015)، تحت عنوان "مشاهير في السُّويد"، كي يقدِّمَ الفنّانون للجمهور السُّويدي أجمل الأغاني، وحقَّقَتْ فكرته نجاحاً باهراً عندما نقلها إلى حيّز الوجود، وقد رأى أونغي أنّه آن الآوان لدعوة المبدعين والمغتربين في السُّويد لتقديمهم على السّاحة الفنّيّة بما يليق بفنّهم الرَّاقي، كي نساهمَ في نشر وترويج الإبداع الفنّي الموسيقي الَّذي غالباً ما يكون محصوراً بين فئة معيّنة أو شعب معيَّن لدى الكثير من المغتربين، لأنّنا غالباً ما نجد فنَّاناً مشهوراً للغاية بين جالياته وهو غير معروف لدى المجتمع السُّويدي، لهذا من الأفضل أن يتمَّ تقديم هكذا فنَّانين وفنَّانات إلى المجتمع السُّويدي والغربي كي يأخذ حقّه/حقّها في الإنتشار وكي يتمتّع المجتمع السُّويدي والغربي بالإستماع إلى موسيقى جديدة وغناء جديد من كلّ التّخصُّصات الفنّيّة والأجناس الإبداعيّة العديدة الَّتي يرفدها معه المغترب إلى فضاءات السُّويد وبلاد الغرب، تعميقاً لبناء جسور حضاريّة متعانقة بين الشَّرق والغرب!
***
افتتحتْ في بداية الكونسيرت (في ستوكهولم وأوبسالا) الفنَّانة فايا يونان وعازف التشيلُّو السُّوري الأرمني جورج هارابيديان، حيث غنَّت فايا يونان نشيد موطني بأداء جميل، بعد أن عرضوا لقطات من فيلم الفيديو "لبلادي" الَّذي حقَّق انتشاراً كبيراً عبر اليوتيوب. وأجرت الإعلاميّة المتألِّقة الكسندرة باسكاليدو حواراً قصيراً مع الفنّانة فايا يونان حول إنتشار فيديو لبلادي عبر اليوتيوب مع شقيقتها ريحان يونان، قبل أن تفتتح الكونسيرت بنشيد موطني.
***
ثمَّ قدَّمت الإعلاميّة الشَّهيرة ومقدِّمة البرامج والكاتبة المعروفة ألكسندرة باسكاليدو فنّاني وفنَّانات الكونسيرت بشكل مبهر، وتألّقت على المسرح أثناء تقديم الفنّانين بطريقةٍ تتواءم مع موسيقاهم وغنائهم الرَّاقي، وقد كانت فراشة المسرح، تحلِّقُ ألقاً وبهاءاً، ممَّا أضفى على الكونسيرت وجمال الغناء جمالاً وحضوراً بديعاً، ونظراً لتكامل فريق العمل، فقد حقَّقَ الكونسيرت نجاحاً منقطع النَّظير لتنوّعه الموسيقي والغنائي، كما أدّى الموسيقيون أداءاً رائعاً مع فريق التِّقني الخاص بالصَّوت والإضاءة والأفلام الّتي عرضت على خلفيّة المسرح بإتقانٍ مدهش! 
حضرتُ كونسيرت "مشاهير في السُّويد" على مسرح المدينة، دار الثَّقافة  في ستوكهولم، وإستهواني أن أكتب عن هذا العرض الغنائيِّ البديع لأبعاده الوئاميّة الرَّاقية، لذا حضرتُ الكونسيرت ثانيةً في مدينة أوبسالا، لتغطيته إعلاميّاً بدقّة وبالتَّنسيق مع الفنَّان الكبير حبيب موسى، ملك الأغنية السّريانيّة في العالم،  ثمَّ طلب منّي ضرورة مناقشة هذا الأمر مع مدير أعماله الموسيقي جوزيف جاجان الَّذي كان صلة الوصل بين الفنّان حبيب موسى والجّهات السّويديّة الَّتي أشرفَت على إعداد الكونسيرت مع كافَّة الفنَّانين، فاتصلت مع جاجان وبلّغته بالأمر وإتصل بدوره مع "أوسى فيكهيد"، إحدى المسؤولات عن إعداد الكونسيرت بما يخصُّ الصّحافة والإعلام فوافقتْ بكلِّ سرور على إنضمامي إلى فريق العمل كصحافي مستقل لتغطية فعاليات الكونسيرت ككل وحضور كونسيرت أوبسالا مع فريق العمل!
تميّز عرض أوبسالا بروعته، إضافةً إلى أنَّ عرض كونسيرت ستوكهولم كان جميلاً، لكن يبدو أنَّ العروض تزداد روعة وبهاءاً في كلِّ عرض جديد، فيصبح الإنسجام أكثر إنسيابيّة وتمرُّساً. كان فريقاً فنّيّاً موسيقيّاً وتقنيَّاً بديعاً للغاية ومنسجماً بشكل مبهر، فنجمَ إبداعاً خلال العروض في منتهى الرَّوعة والبهاء. 
شارك في الكونسيرت أربع فنَّانين وفنّانة، غنّى الفنَّانون الخمسة أغاني جميلة وشهيرة، حيث تميّز الكونسيرت بتنوّعه الغنائي، فقد غنّى الفنّان حبيب موسى ملك الأغنية السَّريانيّة أجمل الأغاني على خشبة كونسيرت ستوكهولم وأوبسالا وبقيّة المدن الَّتي تمَّ تقديم الكونسيرت فيها. قدَّم أغنية "شامومر" وهي أوَّل أغنية سريانيّة تمَّ غنائها خارج الكنيسة ويعتبر الفنَّان حبيب موسى أوَّل من نقل الغناء السِّرياني من جوقة التَّراتيل الكنسيّة إلى واقع الحياة وغنّاها في المناسبات القوميّة والحفلات والكونسيرتات، وحقَّق عبر مسيرته الفنّيّة نجاحاً متميّزاً إلى أن تمَّ تتويجه ملك الأغنية السّريانيّة في العالم، وقد برع عبر أغانيه في ترجمة تطلُّعات وآفاق شعبه السُّرياني وأصبحت بعض أغانيه كأناشيد قوميّة يردّدها معه شبَّان وشابات الشَّبيبة السًّريانيّة خلال المهرجانات الّتي قدّمها في العديد من عواصم العالم، وقد سرّني جدَّاً عندما غنّي "أُوْ حابيبو حابيبو" آه يا حبيبي يا حبيبي، على خشبة المسرح، فما وجدتُ نفسي إلا أن أؤجِّل كتابة ملاحظاتي عن سير الكونسيرت والتَّصوير، وأنهض بحماسٍ كبير وأرقص في مقدِّمة الجُّمهور المتاخم للمسرح، رقصتُ بفرحٍ كبير، ثمّ صعدتُ على المسرح فرحاً وأنا أرقصُ على أنغام "أُوْ حابيبو حابيبو" فتحمَّس الجُّمهور وصفّق للفنّان وللرقص فأصبح الجّو مفعماً بالفرح والتّفاعل مع روعة الغناء، ألحان موغلة في الأصالة الفنّيّة والألحان الرَّاقية. لحظات جميلة قضيناها مع أغاني من وهجِ الإبداع الخلَّاق. 
يتميّز الفنّان حبيب موسى بمساحات كبيرة في الغناء وقد ظلَّ أصيلاً ومخلصاً للأغنية السّريانيّة منذ بداية مشواره الفنّي حتَّى الآن، فأوصلها إلى أعلى درجات الأصالة الفنّيّة والإنتشار، من خلال الألحان الرَّائعة الَّتي لحّنها هو، إضافةً للكثير من الملحِّنين الكبار أمثل الموسيقار والملحِّن نوري إسكندر والملحّن الأب بول ميخائيل والأب جورج جاجان وغيرهم من الملحِّنين الَّذين قدّموا للأغنية السَّريانيّة أجمل الألحان.
 وفيما كانت الإعلاميّة البازرة الكساندرة باسكاليدو تقدِّم الفنّان حبيب موسى، سألته عن الحبِّ ودوره في الغناء، أجاب: " الحبُّ هو كل شيء في الحياة، بدون حب لا سلام في الحياة"، معتبراً الحب بمثابة الطَّريق الَّذي يقودنا إلى السَّلام بين الأوطان وشعوب العالم أجمع، ثمّ تابع يقدّم أغانيه وسط تصفيق الجُّمهور. حبيب موسى فنّان عريق الأصالة ويستحقُّ بجدارة أن يكون ملك الأغنية السّريانيّة في العالم!
غنّى الفنّان ناصر رزازي المعروف في الوسط الكردي، بعض الأغاني الكرديّة الجَّميلة، مترجماً عبر أغانيه الجِّراح الكرديّة الغائرة، ومعبِّراً عن أحزان الشّعب الكردي، وتخلَّل بعض أغانيه إيقاعاً فرحيَّاً راقصاً، واقفاً بكلِّ ثقة مثل شجرة باسقة، باحثاً عن مساحات الحرّية والأمل والفرح القادم!
وقد قال عنه عازف الكمان الكردي بيدرام شهلاني، "أنَّ الفنَّان ناصر رزازي هو بروس سبرينغستين كردستان"، لما له من حضورٍ واسع بين صفوف الكرد والإيرانيين، وقد حقَّق حضوراً متميّزاً خلال مهرجان غنائيّ شارك فيه بمناسبة ذكرى حلبجة، حضره آنذاك أكثر من مائة ألف شخص في إقليم كردستان.
غنَّى الفنّان ناصر رزازي موّالاً كأنّه يناجي الشَّعب الكردي على النّهوض، والبحث عن الذَّات، صوتٌ يحمل نبرة الأصالة الفنّيّة، ثمَّ غنّى بعض الأغاني الجَّميلة على إيقاعات راقصة، نقلنا عبر أغانيه إلى عدّة حالات، تلوَّنت بحالات فرحٍ تارةً، وحالات حزنٍ تارةً أخرى، من خلال الألحان الَّتي قدَّمها على خشبة المسرح. ثمَّ قدّمته الإعلاميّة البديعة الكساندرة باسكاليدو للجمهور بطريقة منسجمة مع حفاوة الأغاني، وتابع يغنِّي بإحساسٍ عميق، فتفاعل الجُّمهور مع أغانيه بفرحٍ كبير.
وقدّم الفنَّان الأريتيري الشَّهير عثمان عبدالرحيم بعض الأغاني المميّزة من الفولكلور الأريتيري باللُّغة التِّيغرينيّة ذات الإيقاع الهادئ والرَّخيم، وقد أطلقوا عليه في بلاده "ألفيس بريسلي" أريتيريا، وقد حقَّقَ شهرة كبيرة بعد أنَّ غنّى أغنية "الحبُّ أعمى"، منذ عقود من الزّمن، فإنتشر صيته في أريتيريا وأثيوبيا والسّودان، وبعض الدُّول الأفريقيّة، كما غنّى في لندن وفي السُّويد الكثير من أغانيه. يتمتَّع الفنّان بروح مرحة وهدوء منساب نحو روعةِ الأداء.
يغنِّي الفنَّان ويرقص بفرحٍ على أنغام أغانيه، كأنّه في حالة بهجة عارمة، ولديه حضور مبهج في استقطاب الجُّمهور، فيتفاعل المشاهدون معه بحفاوة ومتعةٍ، ممَّا دفع بعض الحضور الصُّعود إلى المسرح لمراقصته وتقديم باقات الورود إليه، ممَّا أضفى على الجَّو بهجةً وجمالاً وفرحاً، تاركاً السَّاحة لدخول مقدِّمة البرنامج الكساندرة باسكاليدو لتقدّمه وتتحدَّث عن تجربته الفريدة وحضوره الجّميل، مودّعةً المسرح على تصفيق الجُّمهور، كي يتابع عثمان وهج الفرح من خلال دندنات غنائه ورقصه على إيقاعِ هدهدات أغانيه الإنسيابيّة، كأنّه يهمس للأطفال والكبار ضرورة أن نفرح على أنغام الفرح والموسيقى كي ننعش القلب والرُّوح من جراحِ الحياة، مركّزاً على زرعِ البسمة على قلوب المشاهدين!
وقدّم الفنَّان المصري رامي عصام خلال الكونسيرت عدّة أغاني ثوريّة، وهو يعزف أغانيه بمهارة عالية على غيتاره، شارك في تقديم أغنيته الشّهيرة ارحلْ، الَّتي قدّمها مراراً في ساحةِ التَّحرير في مصر، ويعدُّ الفنّان رامي عصام أحد المشاركين في الثَّورة المصريّة من خلال أغانيه الَّتي كانت إحدى الوسائل السّلميّة للوقوف في وجه الطُّغاة، وقد حقَّقت أغنية إرحل، حضوراً بارزاً خلال فترات الإعتصام في ساحة التَّحرير، إلى أن غدت نشيداً يردّده الثُّوّار، ثمَّ انتشرت مثل النّار في الهشيم عبر اليوتيوب، وقد تعرَّض الفنّان إلى الاعتقال والتَّعذيب عام 2011 على أيدي بعض عناصر النِّظام المصري، ثمّ أُطْلِق سراحه، وقد حصل منذ ستةِ شهور على منحة إلى السّويد لمدّة سنتين، ونظراً لحضوره الهام، فقد تمَّ إختياره من بين الفنَّانين المشاركين في "تورنيه" كونسيرت "مشاهير في السّويد"، ليشارك مع بقيّة الفنَّانين المبدعين أجمل أغانيه على مسارح مملكة السُّويد، مؤكّداً عبر حوار قصير أجرته معه الإعلاميّة باسكاليدو أنَّ الفنَّان ممكن أن يحقَّق آفاق تطلُّعاته السِّياسية في التَّغيير والتَّنوير الَّذي يهدف إليها من خلال الموسيقى والغناء! 
كما غنَّى الفنَّان رامي عصام من الفولكلور المصري الجَّميل "هيلا هيلا هيلا هيلا"، بعد أن قدّمته فراشة الكونسيرت ألكساندرة باسكاليدو، انسجام بديع مع موسيقى الفرقة، ومع تواصل الجُّمهور لروعة الأداء، يعزف ويغنِّي بانفعالٍ مبهر، يتميّز بحضور جميل في أداء أغانيه، ويقفل أغانيه بإيقاعٍ فنّي مدهش!
وابهرني حضور الفنّانة الإيرانيّة المتألِّقة صفورة صفوي، حيث غنَّت بعض الأغاني ذات الإيقاع الرّاقص وبنفس الوقت تعزف على غيتارها بمهاراتٍ بديعة. أدَّت أغانيها بالفارسيّة والسُّويديّة والإسبانيّة بطريقة متناغمة مع الإيقاع الغربي، وقد قدّمتها عريفة الحفل الكساندرة باسكاليدو كفنّانة موهوبة ومتألِّقة في تأدية أغانيها، مركّزةً على إنطلاقتها الكبيرة من مسرح "سكانسن" الشَّهير في ستوكهولم إلى مسرح أوبسالا مع "تورنيه، مشاهير من السُّويد"، لأنّها تتمتّع بحضور جذّاب، ولديها تآلف مذهل مع الفرقة الموسيقيّة، تعزف وتغنّي وترقص فرحاً وألقاً، كأنّها شلال فرح متهاطل من أحلامنا التّوَّاقة إلى أبهى توهُّجاتِ الإبتهال! 
عندما أصدرت الفنَّانة صفورة البومها الأول بإسم "أبجيز" مركّزة على ايقاع الموسيقى الغربيّة، وتضمّنت نصوص أغانيها رؤية نقديّة للكثير من المحرّمات والتَّابوهات في بعض القضايا الإجتماعيّة في إيران، لهذا مُنِعت أغانيها في إيران، لكنّها نشرت أغانيها عبر الإنترنت وحقَّقت انتشاراً كبيراً وسريعاً حتّى لدى الجّمهور الإيراني والغربي، ودعَتْ إلى ضرورة توحيد صفوف الشَّعب والوقوف في وجه الظَّلام والإنغلاق وكبح الحريات، مناديةً مع شقيقتها الفنّانة ميلودي صفوي بالمزيد من الحرِّيات عبر أغانيها الجَّميلة. 
غنَّت صفورة بالإسبانيّة إيقاع الفلامنكو لكن أداء الفرقة الموسيقيّة جاء انسيابيَّاً جانحاً نحو عوالم إيقاع رقصةِ السَّالسة، لهذا بدَت صفورة وهي تعزف وتغنِّي وترقص إيقاعاً متماهياً مع عوالم السَّالسة، فجاء أداء الأغنية والعزف والرّقص كأنّه لوحة فنّيّة مبهجة، إنسجام كبير بين الجُّمهور والفنَّانة والموسيقى البديعة مع روعة الإضاءة كأنّها موشور متلألئ فوق خشبة الفرح، ممَّا أضفى كلّ هذا الجَّمال على أجواء المكان بهاءاً، وفيما كنَّا في غاية الفرح، إذ بالفنّانة ميلودي صفوي تشمخ على خشبة المسرح، وهي شقيقة صفورة، وقدَّمتا سويةً إحدى الأغاني في الجّزء الأخير من عرضها، فمنح هذا الثُّنائي الجَّميل بهاءاً إضافيَّاً لما في أدائهما من تجلِّيات الغناء والموسيقى العذبة!  
وفي نهاية الكونسيرت إجتمع الفنّانون والإعلاميّة ألكساندرة باسكاليدو مع الموسيقيين، مودّعين الجُّمهور وسط تصفيق كبير وفرحٍ عارم، وتمّ توزيع الورود على الفنَّانين والفنَّانات والموسيقيين، ثمَّ نثرت ألكساندرة باقات الورود على الجُّمهور، معبرةً عن فرحها، وبعد أن ودّع الجَّميع المسرح، عادت الفنّانة صفورة صفوي مع غيتارها وقدّمت بمفردها وصلة رائعة أشعلت أجواء المكان بتوهُّجات بهيجة تنعش القلب!
تمتَّعتُ بمشاهدة "تورنيه" كونسيرت "مشاهير في السُّويد"، كأنّي في رحلة فرحيَّة باذخة، أنعشَتْ روحي وقلبي وفتحَتْ مخيالي على مساحات رحبة من الوئام بين الأقوام بمختلف جنسياتهم وتطلُّعاتهم حيث وجدنا كيف تصارع هؤلاء الأقوام عبر شفير السّياسة لكنّهم تعانقوا عناقاً عميقاً عبر الموسيقى والغناء والإبداع الخلاق، حيث وجدت: السُّرياني الآرامي الآشوري الكلداني، مع الكردي الآري الميدي، مع الإيراني الفارسي، مع العربي مع الأفريقي وكل هؤلاء تعانقوا بحفاوة كبيرة عبر إبداعهم مع توجُّهات وتطلّعات السّويد، ومع رؤى وآفاق الغرب عبر الإبداع، ولم يفُتْني أنْ أطرحَ مع بعضِ الأطراف المعنيّة في إعداد هذا "التورنيه"، بضرورة نقله وتقديمه في أنحاء أوروبا، تتويجاً وتعميقاً لجوهر عناق الحضارات عبر الموسيقى والغناء والإبداع الَّذي يرسم الفرح والبهجة فوق الوجوه المعفّرة بالأسى والأنين والقلق والخوف من المجهول المتفاقم نتيجة تفشَّي الكثير من الصّراعات والإنشراخات بين الشَّرق والغرب وبين الشَّرق والشَّرق ذاته، وضرورة بناء رؤية وآفاق خلَّاقة تصبُّ في تجسيد حالات وئام بين البشر كلَّ البشر، ووضع حدٍّ لهذا الإنحدار المخيف والتَّشوُّهات الّتي بدأت تسحق حضارات قرون من الزّمان!
تحيّة لصاحب فكرة الكونسيرت الفنَّان الموسيقي الرَّائع أندرياس أونغي، وخالص الشُّكر والإمتنان لكلِّ من ساهم في إنجاح هذا الكونسيرت البديع من فنّانين وفنّانات وموسيقيين وتقنيين ومعدِّي الكونسيرت وكلّ مَنْ دعم وموَّل هذا المشروع الرَّائد والَّذي يستحق بحقّ أن نقول عنه، "مشاهير في السُّويد"، الأفضل في السُّويد وآمل أن يكون الخطوة الرَّاسخة الأولى لتأسيس تقليد ورؤية في السَّويد وسائر أنحاء أوروبا لتقديم سائر أنواع الفنون الإبداعيّة بمختلف أجناسها الفنّيّة والأدبيّة والتَّشكيليّة عبر تجلَّياتها الخلّاقة، لخلق جسر إبداعي فنّي ثقافي لما فيه خير وسعادة الشُّعوب في البلدان الَّتي وفد إليها المهاجرون، تعميقاً لأهمية التّلاقح الحضاري بين الشَّرق والغرب والتَّواصل الإنساني الخلَّاق!

صبري يوسف
أديب وتشكيلي سوري مقيم في ستوكهولم

CONVERSATION

0 comments:

إرسال تعليق