يواصل الفنّان النّصرواي فوزي السّعدي مشواره مع تلحين وغناء الأغنية الفلسطينيّة المنبثقة من تراب الجليل والمثلّث والنقب، والمعبّرة عن هموم وجراح أهل هذا الوطن، فمنذ خطواته الأولى في هذا المجال الغنائي الذي تمثّل عبر عمله الفنّيّ الأوّل في "مغناة الجليل" التي قدّمها سنة 1975 بالتّعاون مع نادي بيت ساحور النّسائي وضمّنها قصائد لشعراء فلسطينيّين أمثال: فدوى طوقان وسميح القاسم وعلي الخليلي وتوفيق زيّاد وسيمون عيلوطي، وقام بغنائها نخبة من مطربينا، نذكر منهم بالإضافة إلى السّعدي نفسه، مصطفى دحلة وأمل مرقص وشادية حامد وبشارة قرواني وغيرهم، فإنّه يعمل اليوم على وضع اللمسات الأخيرة لإصدار ألبومه الغنائيّ الجديد بعنوان: "لحن نبيذيّ الأوتار"الذي شارك في كتابة كلماته الشّعراء: محمود درويش، فوزي عبد الله، سيمون عيلوطي، علي الصُّح، جريس عيد، فداء سرور، منى ظاهر، ومن المغرب العربيّ- فاطمة الزّهراء بنّيس، حيث لحّن لها فنّاننا فوزي، قصيدة تدور في أجواء المأساة الفلسطينيّة، وتنسجم مع روح وطابع الألبوم المذكور.
أمّا الأصوات الغنائيّة التي ستشارك في الألبوم موضوع حديثنا، فإنّ فنّاننا السّعدي لا يريد في هذه المرحلة الإعلان عنها، كما عبّر لي وللشّاعرة والكاتبة منى ظاهر في الجلسة الخاصّة التي عقدناها قبل مدّة قصيرة من أجل الاستماع إلى لحنيْ قصيدتينا، إنّما يفضّل أن يفعل ذلك، بعد الحفل الخاص الذي سيقيمه لكلّ من له صلة بهذا العمل، بهدف وضع اللمسات الأخيرة التي لا بدّ أن تسبق البدء بعمليّة التّسجيل.
من يتابع مسيرة هذا الفنّان، ومشواره مع الغناء والتّلحين، يلاحظ بوضوح أنه كان يمهّد لتشكيل أغنية تتماثل مع طابعه الخاص، ولكنّها في الوقت نفسه، نابعة من الأجواء الفلسطينيّة ومحلّقة في آفاقها الرّحبة، لذلك رأيناه منذ بدايته مع الغناء والتلحين، يذهب إلى أغاني التّراث الفلسطيني مثل:"عذّب الجمّال قلبي" التي طوّرها الشاعر توفيق زيّاد، أو مثل "حيّد عن الجيشي يا غْبيشي" أو "قطعنا النصراويّات مرج ابن عامر" أو "سودا يا عينه" أو غيرها من أغاني التّراث الفلسطيني التي عمل على إعدادها بصيغ موسيقية جديدة تساير روح العصر وتتماشى مع طابعها الأصلي، مما أهّله بعد ذلك أن يستلهم ويغترف من هذا التّراث الغنائي الكثير من الألحان التي قدّمها على مدى السّنوات الماضية.
اهتمام فوزي السعدي بتعبيد الطّريق أمام انطلاق أغنيّة فلسطينيّة، لم يتوقّف عند الحدود آنفة الذكر، بل تجاوزها إلى درجة المغامرة، ذلك حين أقام سنة 1984 على مسرح بيت الصّداقة في الناصرة "مهرجان الفن القطري"، والذي أقيم بالتّعاون مع المؤسسة الشعبيّة للفنون في حيفا التي رأسها آنذك الشاعر سميح القاسم، وقد كلّفتُ من قبل "القاسم والسّعدي" بإدارة هذا المهرجان، والإشراف على نصوصه الغنائيّة، وشارك فيه على مدى ثلاثة أيام متتالية نخبة من فرق الرقص الشعبي، والعديد من المطربين، أذكر منهم: سمير الحافظ، حيث اتحف الحضور بأغنية من كلمات سميح القاسم والحان ميشيل ديمانكيان، جاء في مطلعها: ليل وحزن وحساسين/ وعيون تضوي الزّنازين/ لا نمنا ولا نام القهر/ ولا ناموا السّجانين. الهدف من احياء هذا المهرجان هو: بلورة حركة للأغنية الفلسطينيّة، تستطيع من خلالها أن تتنفّس وتقف على قدميها لمقابلة الجمهور الواسع، لعلّها بعد ذلك تواصل مشوارها.. وتتشكّل بالنّكهة التي تميّزها.
هذا "الهاجس" الفنّي رافق السعدي، بل كان كظلّه طوال مسيرته الفنيّة، وكان لا بدّ أن يختمر كل ذلك، ليتجلّى في تلحينه للعديد من الكلمات التي رآها تخدم مشروعه الفنّيّ، ولعلّ توجّهه إلى الشعراء بغية الحصول على كلمات تجسّد له ما يريد، ساعده كثيرًا على تحقيق مبتغاه، حيث نتج عن ذلك عدد من الأغنيات، أذكر منها على سبيل المثال: أغنية " يا ابني عزيزة الأرض" التي كتبها الشّاعر جمال قعوار، وأغنية "عَ البال" التي كتبها الشّاعر جورج فرح، و"يا منتهى" للشّاعر مفلح طبعوني، و"لعبة صبي" للشّاعر عادل خليفة، ومجموعة القصائد التي لحّنها للشّاعر سامي مهنّا، بالإضافة إلى العديد من الأغاني السّاخرة التي كتبها كاتب هذه السّطور، وعكست مضامين سياسيّة واجتماعيّة مختلفة.
اهتمام فوزي السعدي بتعبيد الطّريق أمام انطلاق أغنيّة فلسطينيّة، لم يتوقّف عند الحدود آنفة الذكر، بل تجاوزها إلى درجة المغامرة، ذلك حين أقام سنة 1984 على مسرح بيت الصّداقة في الناصرة "مهرجان الفن القطري"، والذي أقيم بالتّعاون مع المؤسسة الشعبيّة للفنون في حيفا التي رأسها آنذك الشاعر سميح القاسم، وقد كلّفتُ من قبل "القاسم والسّعدي" بإدارة هذا المهرجان، والإشراف على نصوصه الغنائيّة، وشارك فيه على مدى ثلاثة أيام متتالية نخبة من فرق الرقص الشعبي، والعديد من المطربين، أذكر منهم: سمير الحافظ، حيث اتحف الحضور بأغنية من كلمات سميح القاسم والحان ميشيل ديمانكيان، جاء في مطلعها: ليل وحزن وحساسين/ وعيون تضوي الزّنازين/ لا نمنا ولا نام القهر/ ولا ناموا السّجانين. الهدف من احياء هذا المهرجان هو: بلورة حركة للأغنية الفلسطينيّة، تستطيع من خلالها أن تتنفّس وتقف على قدميها لمقابلة الجمهور الواسع، لعلّها بعد ذلك تواصل مشوارها.. وتتشكّل بالنّكهة التي تميّزها.
هذا "الهاجس" الفنّي رافق السعدي، بل كان كظلّه طوال مسيرته الفنيّة، وكان لا بدّ أن يختمر كل ذلك، ليتجلّى في تلحينه للعديد من الكلمات التي رآها تخدم مشروعه الفنّيّ، ولعلّ توجّهه إلى الشعراء بغية الحصول على كلمات تجسّد له ما يريد، ساعده كثيرًا على تحقيق مبتغاه، حيث نتج عن ذلك عدد من الأغنيات، أذكر منها على سبيل المثال: أغنية " يا ابني عزيزة الأرض" التي كتبها الشّاعر جمال قعوار، وأغنية "عَ البال" التي كتبها الشّاعر جورج فرح، و"يا منتهى" للشّاعر مفلح طبعوني، و"لعبة صبي" للشّاعر عادل خليفة، ومجموعة القصائد التي لحّنها للشّاعر سامي مهنّا، بالإضافة إلى العديد من الأغاني السّاخرة التي كتبها كاتب هذه السّطور، وعكست مضامين سياسيّة واجتماعيّة مختلفة.
يعتبر عمله الأخير "لحن نبيذيّ الأوتار" وفقا لرأي الموسيقيّين الذين يجرون معه التّمرينات النهائية لهذا العمل، بمثابة قفزة غنائيّة، لحنية وفنّيّة ليس بالنسبة لأعماله السّابقة فحسب، إنّما بالنسبة للأغنية الفلسطينيّة أيضًا.
لا يسعنا في هذه المناسبة سوى أن ننظر بعين الرّضا إلى الدّور الفنّيّ الرّائد الذي قام به فناننا فوزي السّعدي، في إرساء المنطلق لأغنية فلسطينيّة خالصة، لا تشرب من نيل الأغنية المصريّة، ولا تتنفّس من هواء أرز الأغنية اللبنانيّة، ولا ترهقها الشّعارات الصّاخبة، بل أتت بقالب فنّيّ هادئ منبثق من أزقّة النّاصرة ومن جبل الكرمل وميناء يافا وأطلال البروة وقسطل صفّورية وعين معلول لتداعب شغاف القلب وتتقاطر رقراقة في الوجدان.
بودّي أن أشير بأنه إذا اثتثنينا "مهرجان الفن القطري" المشار إليه سابقا، فأنّ جميع الأعمال التي قدّمها فنّاننا فوزي السّعدي من خلال مشواره الفنّيّ الطّويل، والذي توزّع على إحياء حفلات وإصدار "ألبومات" له ولغيره من الأصوات التي غنّت ألحانه، كانت بمجهوده الخاصّ، ومن دون أن يتلقّى أي دعم من أيّة جهة. كما أرجو أن تصل هذه الإشارة إلى القيّمين على ثقافتنا وفنوننا.. فلعلّ وعسى..!
0 comments:
إرسال تعليق