كتب فراس الور
نحترم قناة الـMBC كثيرا و محاولتها الدؤوبة لإنتاج كل جديد و مميز، و لكن ما إن بدء عرض منتوجها سرايا عابدين في رمضان الحالي و ابتدأت الإنتقادات تنهال على هذا العمل بصورة ملحوظة، و قد يكون هذا العمل الذي كلف قناة MBC مبالغ كبير من المال من أكثر الأعمال التي تمت مهاجمتها بصورة شرسة بالنقد الساخر، فتمحورت الإنتقادات عليه بالأخطاء التاريخية القاتلة و تسمى بالإنجليزية HISTORICAL INACCURACIES ، و هي من النوع الذي لا يغتفر مما يجعلني أسأل سؤال مهم جدا، أين كانت بصيرة الإدارة من كل ما يحدث؟ أين كانت بصيرة المخرج؟ و للذي يقراء مقالات الإنترنت سيقراء بعينيه الكلام الذي يصف العمل بالذي يحتوى على "أخطاء بالجملة"،
هذا العمل أعرج مع كل اسف فقد قتلته قناة الـMBC بيديها حينما صرحت بأنه عمل مستوحى من حياة الخيديوي اسماعيل و عن قصة قصر سرايا عابدين، و في مقالتي عن "فلم المهاجر" للراحل الكبير يوسف شاهين المنشورة على الإنترنت ناقشتُ الفرق بين الوحي و الإلهام بصورة عامة و بالأعمال الدرامية، و بما أن فريق العمل صرح بأن هذا العمل الدرامي مستوحى من حياة الخديوي اسماعيل فتلقائيا لا يجب أن يتضمن الأخطاء التاريخية إطلاقا فالقصة المستوحاة غالبا ما تكون قريبة من مصدرها و لكن في هذا العمل حافظت الكاتبة على نفس الرواية عن حياة الخيديوي اسماعيل و حافظت على شخصية الخيديوي اسماعيل بالعمل و على البيئة الإجتماعية التي احاطت به، فبهذه الخطوة قالت للمتفرج بأن هذا العمل هو عن حياة الخيديوي اسماعيل فكيف يحتوي العمل على هذا القدر من الأخطاء التاريخية؟ هذا تناقض لا يجوز بتاتا، النقاد تملئ تصريحاتهم الصحف و قد عددوا الأخطاء و على سبيل المثال لا الحصر في تاريخ بناء القصر و أخطاء بطريقة مخاطبة الخديوي بألقابه الفخرية و تاريخ ميلاد الأمير فؤاد...حتى ساعة الـ"كوارتز" التي تم صنعها بسنة 1927 موجودة بهذا العمل مع كل أسف لأن احداثه تجري قبل هذا التاريخ، حتى اللهجة المحكية في داخل العمل تحتوي على أخطاء جسيمة، كما شخصية خوشيار هانم في المسلسل تسكن سرايا عابدين و لكنها بحسب المراجع التاريخية كانت تسكن بقصر الدوبارا الذي حاليا تابع لمنطقة جاردن سيتي...ماذا يجري هنا؟ الكاتبة هبة مشاري حمادة عللت بتصريح لها عبر صحيفة «الأخبار» أن ««سرايا عابدين» مستوحى من القصص التاريخية التي عاشتها مصر، وأن العمل لا ينتمي إلى الأعمال التي توثّق الأحداث زمنياً وتاريخياً، فتعاملت الكاتبة مع التواريخ باعتبارها جغرافيا قابلة للاستخدام وأضافت إنها تعاملت في مرحلة الكتابة مع التواريخ باعتبارها جغرافيا قابلة للاستخدام وفق الاحتياج الدرامي للأحداث، لافتة إلى أنّ فريق العمل كتب معنى ذلك في بداية كل حلقة لإيصال الرسالة إلى المشاهد، مع كل أسف هذا خطئ كبير ارتكبته الكاتبة فحينما تحافظ الكاتبة على نفس الشخصيات من المصدر الى العمل و على نفس القصر و الشخصيات التي احاطت بالخيديوي تفقد تصريحاتها جدارتها و مصداقيتها فكان سيكون تعليلها مقبول إذا غيرت اسم الخيديوي بالعمل و غيرت بالبيئة الإجتماعية التي عاش بها هذه الشخصية التاريخية، فَمِنْ الخطئ أن نأخذ شخصية معروفة بالتاريخ و ان نرتكب بحق الأحداث التي احادت به المغالطات و من ثم أن نبرر للصحف أن هذا حقنا، هذه مأساة كبرة،
هذا تم احصائه منذ اولى حلقات العمل، مما دفعني لآخذ القرار بعدم متابعته إطلاقا، فكان يجب على قناة الـMBC ممارسة دقة أكبر بعملية الإنتاج و فحص السيناريو جيدا قبل أخذ القرار به، فقد آخذت القناة المظاهر الخارجية و تصميم اللباس الفاخر و اعداد السرايا للتصوير و جلب الفنانين الذين يتمتعون بالشهرة و نصيت أهم جانب من العمل...ألا و هو دقة المعلومات التاريخية، و يتبادر الى ذهني هنا قصة المنتجة ايناس الدغيدي التي اتهمت اسرة اعداد العمل بسرقته او اقتباسه من عمل لها بإسم عصر الحريم، و قد اجتمع اللجان الفنية بالقاهرة لدراسة هذا الإتهام إلا أنه بينت أن العملين مختلفين تماما مما وضع نزاهة عمل سرايا عابدين بميزان الشك...إذا كانت فكرته الخالصة من الكاتبة هبة مشاري أم لا...
الذي لفت إنتباهي أنه ربما العدالة الإلهية نطقت كلمتها بهذا الخصوص فشآت أن يتحلى هذا العمل بالأخطاء الكبيرة لينصف المنتجة ايناس التي صرخت بالإعلام المصري بأن فكرة عملها مسروقة منها، فالعدالة الإلهية موجودة و ستقول كلمتها بالرغم من عدالة البشر الناقصة، و هذه نسخة من الرسالة التي ارسلتها لصندوق بريد المنتجة ايناس الدغيدي :
الى سعادة المنتجة ايناس الدغيدي المحترمة،
تحية طيبة و بعد،
لم يكن بمقدوري تجاهل صرختك بالإعلام المصري عن أن مسلسل سرايا عابدين مقتبس بصورة مباشرة من عملك عصر الحريم، و تابعت قرار نقابة المهن السينمائية بعد دراسة العملين بأن العملين مختلفين...و لكن شعرت بأن صرختك صرخة مظلومة بالإعلام...فأحببت أن اقول لك بأن الله سبحانه و تعالى أخذ حقك من هذا العمل، فمؤخرا قالوا النقاد كلمتهم بأن العمل احتوى على أخطاء تاريخية قاتلة وقد زاد الطين بلةً تصريحات اسرة العمل بأنه مستوحى من حياة الخديوي اسماعيل...فقد اصبح هذا العمل بسبب اقلام النقاد قطعة خردة، فَمَنْ سيتابع عمل مستوحى عن حياة شخصية تاريخية يحتوى على اخطاء جسيمة كالتي ذكرها النقاد بالصحف؟ أظن أن عدالة الله حكمت على العمل بدل من الجرأة التي لم تتحلى بها اللجنة التي حققت بشكواكِ منذ بضعة أشهر، فلو كان العمل فعليا من ابداعات الكاتبة هبة لبارك الله به و سَلِمَ من الأخطاء التاريخية الذي ارتكبتها اسرة العمل بالسيناريو،
0 comments:
إرسال تعليق